في خضم التحديات المتفاقمة التي تواجهها سورية، يبرز الأمن المائي كأحد أبرز الأزمات الهيكلية التي باتت تهدد استقرار البلاد على المستويات البيئية والاجتماعية والاقتصادية. وتُصنَّف سورية اليوم، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، باعتبارها من الدول الأكثر عرضة للجفاف في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وسط تحذيرات من أن التغير المناخي سيواصل فرض ضغوط هائلة على مواردها المائية في العقود القادمة.
وفي هذا السياق، يُصدر مركز برادايم تقريراً تحليلياً بعنوان “من الوفرة إلى العجز: مراجعة تاريخية واستراتيجية للأمن المائي السوري (1970–2024)”، يتناول جذور هذه الأزمة وتطوراتها خلال العقود الخمسة الماضية.
يسلط التقرير الضوء على التأثير المتزايد للتغير المناخي، الذي فاقم موجات الجفاف، وقلّص معدلات الهطول المطري، ورفع درجات الحرارة في منطقة شرق المتوسط. كما يتناول دور السياسات الحكومية غير المستدامة في القطاع الزراعي، والتي ساهمت في استنزاف الموارد الجوفية عبر توسّع غير منضبط في زراعة محاصيل عالية الاستهلاك للمياه، إلى جانب ضعف الرقابة على حفر الآبار واستغلال المياه.
في المقابل، يناقش التقرير الأبعاد الجيوسياسية للأزمة، من خلال استعراض النزاعات الإقليمية حول الأنهار المشتركة مع دول الجوار، مثل الفرات والعاصي واليرموك، ويبيّن كيف أدى التباين في المصالح والسياسات إلى تفاقم الضغوط على الأمن المائي السوري.